نطوي أحزاننا في ذاكرتنا ذخرا ، و نمضي … بقلم : حمدي فراج
مدار نيوز \
نعيش اليوم كشعوب عربية ، و في المقدمة ، شعبنا العربي الفلسطيني ، بشقيه الإسلامي و المسيحي ، حالة غير مسبوقة من الحزن العميق ، على فقداننا نخبة كبيرة من قادة المقاومة في غمرة وقت قصير نسبيا ، شعرنا معه اننا اصبحنا بدون رأس ، او أجسادا تهيم في نهارها و ترقد في ليلها ، شاردة الذهن ، خائفة قلقة على غدها القريب و البعيد . إن استمرار هذه الحالة “الحزن” يجب ان تتوقف بأسرع ما نستطيع ، لأن عدم توقفها ، يعني تطورها الى ما هو أصعب و أخطر ، الى ما يمكن ان نطلق عليه الانطواء ، فالاحباط ، فالشعور بالعجز ، فالسلبية القريبة من العدمية ، وهذا بالتحديد تقريبا ما هدف اليه الاحتلال الإسرائيلي من قتل هذه القيادات التاريخية ، فيشل من بعدهم مقاتليهم ، و يدخل اليأس الى الشعب و بالتالي الى الأمة كلها ، مستندا بالطبع على طابورها الخامس ، الذي سيسهم اسهاما فعليا في سن سكاكينه للانقضاض على الروح و الامل و الإرث و التاريخ و بالتالي المستقبل . إذن ، هي جبهة أخرى ، لا تقل في أهميتها عن جبهة القتال ، هي جبهة الوعي و الإرادة و التواصل التي تتعدى في حدودها الأرض و القتال و الجبال و الانفاق و الحدود و السماء و البحار ، هي جبهة غياب القادة الحقيقيين ، كي يلعب الفأر ، وفق مأثور “غاب القط” ، لقد استمعت الى “محلل” ، لا أعرف من أي مكان في جسمه يحلل ، يقول اننا سنكتشف لاحقا ، ان السنوار اتفق مع نتنياهو على السابع من أكتوبر ، و سمعت أضعاف هذا “التحليل” ضد السيد حسن نصر الله . إن أهمية جبهة الوعي ، و الحزن القابل للتطور سلبا ، نستطيع سبرها ، من الرقابة العسكرية و الأمنية و السياسية ، التي تضربها إسرائيل على أي تصريح او صورة او رأي او خبر او مكالمة تضر من وجهتها بسير الحرب ، حتى الاسرى الذين تم تبادلهم محظور عليهم الادلاء بما حصل معهم ، و في قصف منزل نتنياهو ، كان الخبر الأول ان المسيّرة ضربت قرب قيسارية ، ثم تطور الى قصف في قيسارية ، ثم منزل نتنياهو ، ثم غرفة نومه . إن أحد وسائل كسر دائرة الحزن بسرعة ، هو الاعتراف للنفس بهول الخسارة التي سببت هذا الحزن ، إن إنكارها ، و المكابرة فيها ، و التقليل من حجمها حد التهميش ، و كما كان يقول الشهيد مسالمة “بهمّش” ، لن يساعد في تجاوز حالة الحزن الأليم . إقرار ان تغييبهم قد أحزننا بل أفجعنا ، لكن من قال اننا لا نستطيع استحضارهم و اعتماد اقوالهم قواعد ، بل لقد أثبتوا بأفعالهم أيضا ، انهم قابلون للاستحضار و قادرون على الحضور ، ما قاله السيد بضرورة مغادرة الخوف و القلق و الحزن على فقدان القادة الذين التحقوا بهذه المسيرة كي ينالوا ما نالوه اليوم . لكن ما فعله السنوار فعلا لا قولا بالعصا في المسيّرة ، كفيل بأن يستنهض أجيال قادمة لمواصلة هذا الطريق . إن استهداف شعبنا من قبل ربهم قبل اربعة الاف سنة ، لا لسبب منطقي ، الا لأننا شعب العماليق ، و تكرار ذلك على لسان نتنياهو في مشروعهم ابادة غزة قبل بضعة أشهر ، كفيل ان يبدد حزننا بسرعة ، بل أن يحوله الى فخر بأننا شعب عمالقة ، نطوي أحزاننا في ذاكرتنا ذخرا ، و نمضي .
رابط قصير:
https://madar.news/?p=325050



