هآرتس: حماس تعزز قبضتها على غزة ونفوذ العشائر يتلاشى

مدار نيوز \
قالت صحيفة إن تقديرات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تشير إلى أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) نجحت في تعزيز سيطرتها في قطاع غزة منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر/تشرين الأول الحالي.
ووفقا لتقرير المراسل العسكري يانيف كوبويتز، فإن التقديرات داخل جيش الاحتلال تشير إلى أن حماس “لم تفقد سيطرتها على القطاع ولو ليوم واحد”، وأنها استعدت مسبقا لهذه المرحلة عبر الإبقاء على آلاف المقاتلين احتياطا لإعادة الإمساك بمفاصل الحكم فور توقف العمليات العسكرية.
وأكد أن الحركة استعادت عمليا مواقع السلطة والإدارة والأمن في القطاع، في حين تلاشت محاولات إسرائيل الأخيرة لخلق بدائل محلية من العشائر أو العملاء.
وبحسب التقرير، فإن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تتابع بقلق تنامي مظاهر التنظيم والانضباط لدى عناصر شرطة حماس الذين عادوا للعمل الميداني بانتظام في معظم مدن القطاع، ويتولون حاليا مهام فرض النظام العام وملاحقة اللصوص والمجرمين.
وأشار إلى أن الحركة استعادت السيطرة على المكاتب البلدية والمؤسسات الحكومية في غزة وخان يونس ورفح، وعيّنت شخصيات تابعة لها في مناصب قيادية داخل الجهاز المدني، في إشارة إلى أن مرحلة “ما بعد الحرب” بدأت تسير وفق تصور حماس وليس وفق المخطط الإسرائيلي أو الأميركي.
وتعترف المؤسسة الأمنية بأن محاولات إسرائيل الأخيرة لتقوية بعض العشائر المحلية في مواجهة حماس باءت بالفشل، ويستند تقرير هآرتس إلى مصادر تحدثت عن “تفكيك أغلب التشكيلات العشائرية التي ظهرت في الأسابيع الأخيرة، وتعرض قادتها للتهديد أو الملاحقة أو حتى التصفية على يد عناصر من حماس”.
ويقول ضابط إسرائيلي رفيع للصحيفة إن “العشائر لم تعد موجودة فعليا كقوة منظمة، وحماس أعادت تثبيت الردع الكامل في غزة”.
ويشير التقرير إلى أن الجيش الإسرائيلي رصد خلال الأسابيع الماضية قيام عناصر حماس بإطلاق النار على كل من حاول التعاون مع إسرائيل.
ويضيف أن “الرسالة وصلت سريعا إلى الجميع: لا أحد ينازع حماس في الحكم”.
في المقابل، لم تُسجّل أي احتجاجات أو انتفاضات شعبية ضد الحركة رغم الظروف المعيشية القاسية، مما فاجأ بعض المحللين في إسرائيل الذين توقعوا انفجارا اجتماعيا ضدها بعد عامين من الحرب.
وتوضح المؤسسة الأمنية أن المظاهر القليلة التي لوحظت على وسائل التواصل الاجتماعي لا تشكل خطرا فعليا، ولا يُتوقع أن تتحول إلى حركة احتجاجية واسعة.
وقال تقرير هآرتس إن الجيش الإسرائيلي يرى أن دخول أي جهة خارجية إلى القطاع -وخصوصا تركيا- قد يعزز مكانة حماس أكثر ويمنحها مظلة سياسية وأمنية تحميها من الضغوط الإسرائيلية.
لذلك، يتزايد داخل المؤسسة الأمنية القلق من أن خطة الولايات المتحدة لتشكيل قوة دولية في غزة بمشاركة تركية “قد تُترجم ميدانيا إلى إعادة تأهيل حماس تحت غطاء إنساني”، وهو ما تعتبره إسرائيل تهديدا مباشرا لإستراتيجيتها فيما بعد الحرب.
في الوقت ذاته، يعترف الجيش الإسرائيلي بأن سكان القطاع لا يبدون استعجالا للعودة إلى منازلهم في شمال غزة رغم سريان وقف إطلاق النار.
فبحسب الأرقام التي أوردها التقرير، بقي نحو 150 ألف شخص في الشمال أثناء القتال، وعقب دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، لم يعد سوى 200 ألف تقريبا.
ويعزو الجيش هذا التردد إلى الخوف من تجدد القتال وإلى غياب البنية التحتية، إذ فقد عشرات الآلاف منازلهم بالكامل.
لكن القلق الأكبر بالنسبة للجيش الآن يتمثل في احتمال خروج عشرات آلاف المدنيين من “المناطق الإنسانية” المكتظة نحو ما يعرف بـ”الخط الأصفر”، وهو خط الانسحاب الإسرائيلي المعتمد بموجب الاتفاق.
وتخشى القيادة العسكرية من أن يؤدي هذا التحرك العشوائي إلى احتكاكات بين المدنيين والجنود الإسرائيليين المنتشرين على طول الخط، مما قد يشعل مواجهات ميدانية غير مقصودة.
وتشير هآرتس إلى أن الجيش يواجه صعوبة في إعداد خطة متماسكة في ظل الضبابية السياسية بشأن مستقبل القطاع.
فحتى الآن لم يتم الاتفاق على تفاصيل أساسية في “المرحلة الثانية” من التفاهمات مع حماس، بما في ذلك “سياسة إطلاق النار، وآلية إحباط الهجمات، وطبيعة القوة متعددة الجنسيات وصلاحياتها الميدانية، ومدى تعاونها -أو عدم تعاونها- مع حماس”.
وتؤكد الصحيفة أن فرقا أجنبية كان من المفترض أن تشارك في صياغة هذه الآلية وصلت بالفعل إلى إسرائيل (لم تشر الصحيفة إلى هوية هذه الفرق)، لكنها لم تتمكن من وضع نموذج عملي للتنفيذ بسبب الخلافات حول توزيع الصلاحيات بين الجيش الإسرائيلي والقوات الدولية.
ويرى قادة في الجيش أن غياب هذا الوضوح يجعل من الصعب بناء “خط دفاع عملياتي سليم”، ويُبقي القوات في حالة تأهب دائم دون رؤية إستراتيجية واضحة.
وفي سياق متصل، كشفت مصادر أمنية للصحيفة أن إسرائيل علّقت المحادثات مع مصر بشأن إعادة فتح معبر رفح كوسيلة ضغط على حماس لتسليم جثث الأسرى الإسرائيليين.
وأوضحت أن المعبر يُتوقع أن يُفتح للمرة الأولى في يناير/كانون الثاني من العام القادم، لكن ذلك مرتبط بتوفر تجهيزات هندسية وأمنية كبيرة، من بينها تركيب بوابات فحص وتدقيق جديدة.
رابط قصير:
https://madar.news/?p=348093