(2) ضابط تحقيق إسرائيلي: التعذيب الجسدي في التحقيق غير فعال

لمدار نيوز – ترجمــة محمد أبو علان
كتبت “هآرتس” العبرية :
لاحقاً للجزء الأول من من تحقيق صحيفة “هآرتس” الذي حمل عنوان “محققون يتحدثون عن التعذيب في غرق التحقيق الإسرائيلية”، نعرض هنا الجزء الثاني من التحقيق والذي اعترف فيه أحد المحققين أن التعذيب الجسدي في غرف التحقيق غير فعال، وعرض قضية التحقيق مع الأسير محمد الخطيب في هذا الجانب، وجاء في الجزء الثاني من التقرير أن:
قضية التعذيب في غرف التحقيق الإسرائيلية وكيفية التعامل معها تحولت لقضية رأي عام ليس فقط بسبب اهتمام منظمات حقوق الإنسان بها، في العام 1999 أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية قراراً قضائياً يمنع التعذيب الجسدي والتي كانت تسمح به الحكومة الإسرائيلية حتى ذلك الوقت.
بالاستناد لقرار المحكمة العليا الإسرائيلية، أصدر المستشار القضائي للحكومة آنذاك “اليكيم روبنشتاين” تعليمات جديدة لم تسمح بالتعذيب، ولم تجعله قانوني، لكنها نصت على عدم محاكمة محققين قد يكونوا استخدموا التعذيب الجسدي من أجل ما أسموه إنقاذ حياة إنسان أو حريته أو ممتلكاته، أو منع عملية لا تتوفر وسائل أخرى لمنعها.
كما جاء في تعليمات المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أن صلاحية السماح باستخدام التعذيب أعطيت لجهات رفيعة المستوى في الدولةـ والمحقق الذي يستخدم القوة عليه تدوين عدد الضربات، وعدد الصفعات على الوجه، وبعد أخذ هذه التدابير يجب إبلاغ المستشار القضائي للحكومة.
ضابط تحقيق إسرائيلي آخر شارك في الجلسة أشار للوسائل القانونية التي تجيز استخدام التعذيب الجسدي في التحقيق، عندما يدرك المحقق أن التعذيب الجسدي هو وسيلته الوحيدة للحصول على المعلومة لمنع عملية تمس حياة البشر هو سيستخدمه، ولكن على المحقق الحصول على التصاريح اللازمة لاستخدام العنف.
واستدرك الضابط قائلاً خلال حديثه، ولكن في حالة وجود شخص يريد أن يفجر نفسه هنا يستطيع المحقق أن يستخدم التعذيب الجسدي في الميدان دون الحاجة لتصريح نظراً لوجود خطورة على حياة البشر حسب تعبير الضابط، ويمكن تطبيق حالة ” الدفاع عند الضرورة” بأثر رجعي.
في نظرة للوراء تقول صحيفة “هآرتس” ، بعد قرار المحكمة العليا الإسرائيلية في العام 1999، وتعليمات المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية تراجع مستوى التعذيب الجسدي، وفي السنوات الأخيرة توقف، إلا أن هذه الحالة عادت وانقلبت.
تقرير صحيفة “هآرتس” عن عمليات التعذيب في أيار من العام 2015 أظهر ارتفاع في حالات التعذيب الجسدي، مثل التوقيف لفترات زمنية طويلة والأيدي مبسوطة في الهواء، والتوقيف على الحائط والضرب وعصب العينين لفترة زمنية طويلة، وصراخ في الأذن.
الضابط الذي سمي بالرمز “V” علق على أساليب التعذيب الجسدي المذكورة قائلاً، أحيانا يكون هناك ضرورة للصراخ بالأذن، وهز الشخص الخاضع للتحقيق من قميصه، وجره باتجاه المحقق، وتحدث عن وسيلة تعذيب أخرى تتمثل برفع اليدين لمستوى الكتف وهو مقيد من الخلف.
من الحديث مع المحققين تبين إنهم على علم تام بحجم الألم الذي تتسبب بها مثل هذه الحركات للشخص الخاضع للتحقيق، حتى منهم من جرب هذه الحركات على نفسه وأدرك إنها حركات ليست سهلة، ومن الصعب تحملها.
قضية أخرى ناقشها تقرير صحيفة “هآرتس، مدى الفائدة من عمليات التعذيب الجسدي في التحقيق، معظم حالات التعذيب أثبتت إنها غير فعالة حسب ضباط تحقيق إسرائيلي، ودلل على ذلك من خلال قضية محمد الخطيب من مدينة الخليل، الخطيب اعتقل في إطار خلية تابعة لحركة حماس في الضفة الغربية في العام 2014، شهران بعد خطف المستوطنين الثلاثة وقتلهم.
المحققون كان لديهم اعتقاد بأن هناك علاقة بين هذه الخلية وعملية خطف المستوطنين الثلاثة، لهذا تم التصريح للمحققين باستخدام التعذيب الجسدي في التحقيق معهم تحت بند “الدفاع عند الحاجة”، الخطيب كان صديق الطفولة لمروان القواسمي، أحضر الخطيب لغرف التحقيق وأستخدم معه العنف الجسدي، واعتراف إنه كان المراقب للخلية.
لاحقاً، تبين أن ليس فقط لم يكن له علاقة بعملية الخطف، بل الخلية كاملة لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالخلية التي نفذت عملية الخطف للمستوطنين الثلاثة، وليس الخطيب وحده تعرض للتعذيب الجسدي من تلك الخلية، شكري الخواجا هو الآخر تعرض للتعذيب، وكانت قصته قد نشرت في “هآرتس” في أكتوبر 2015.
شكري الخواجا روى في حينه في محكمة “عوفر” قائلاً:
” حققوا معي ما بين ثلاثة إلى عشرة محققين يحملون رتب عسكرية ما بين رائد وعقيد، قيدوني بالأيدي والأرجل، وضعوني على كرسي بدون ظهر، وضغطوا ظهري باتجاه الأرض، أرجلي كانت مقيدة للكرسي من الأمام، والمحقق من الأمام كان يوجه لي الصفعات على الوجه وضربات على الصدر، ومحقق آخر من الخلف كان يمسك بكتفي يرفعني تارةً ويلقيني على الأرض تارةً أخرى.
الضابط “V” لم يعلق على قضية الخواجا بشكل خاص، لكنه أوضح إنه يجب أن يعلم الشخص الخاضع للتحقيق أن عملية التحقيق ليست فقط أسئلة وأجوبة، وأن الحصول على المعلومة وعملية الإقناع لا تكون فقط لفظية.