حماية التعليم صون للكرامة الوطنية : قراءة في بيان الائتلاف التربوي الفلسطيني . ياسر أبوبكر

مدار نيوز \
في لحظة فارقة يعيشها قطاع التعليم في فلسطين، جاء بيان الائتلاف التربوي الفلسطيني كوثيقة وطنية ، تستحضر الوعي والهوية وتضع إصبعها على الجرح النازف: تهديد انتظام العام الدراسي في ظل الأزمة المالية الخانقة. البيان لم يكتفِ بوصف الواقع، بل رفع صوته دفاعًا عن حق الطالب الفلسطيني في التعليم، وعن مكانة المعلم كحامل رسالة وصانع وعي. الأهم أنه ذكّر بأن حماية التعليم تعني حماية الكرامة الوطنية، وصون المستقبل من الخصخصة والتهميش.
أول ما يلفت في البيان هو وضوحه القيمي: التعليم ليس خدمة إدارية قابلة للتأجيل، بل “فضاء وجودي” و”صرح صمود” في مواجهة الاحتلال ومحاولات الطمس. هذا الخطاب يعيد للتعليم مكانته كأداة مقاومة وصناعة وعي، لا مجرد عملية تدريسية. كما أن البيان لم يغفل الربط بين حقوق المعلمين وحقوق الطلبة، فالأول لا يستقيم دون الثاني، والعكس صحيح.
كذلك، سلّط الضوء على الدور المركزي لوكالة الأونروا باعتبارها الضامن التاريخي لحق اللاجئين في التعليم، وهو تذكير في غاية الأهمية في ظل التهديدات المتكررة بتقليص أو وقف خدماتها.
في هذا الاطار نطرح حلولاً عملية مستوحاة من تجارب البيئات القسرية
فترجمة البيان إلى خطوات عملية هي مسألة يمكن استلهامها من تجارب تعليمية سابقة في البيئات القسرية:
1. نموذج التعليم المقاوم في السجون: كما نجح الأسرى الفلسطينيون في بناء منظومة تعليمية ذاتية قائمة على التعلم الذاتي والتعاوني رغم القيد، يمكن تفعيل مبادرات شعبية لتعويض الفاقد التعليمي عبر حلقات مجتمعية و”صفوف ظل” تشرف عليها النقابات والبلديات.
2. التعليم الطارئ في المخيمات: تجارب الأونروا في الأزمات السابقة أثبتت أن التعليم يمكن أن يستمر عبر أنظمة “الدورات المكثفة” و”التعليم بالتناوب”، وهي حلول قابلة للتطبيق في المدارس الحكومية لتقليل أثر الإضرابات أو التأخير.
3. التقنيات الرقمية البديلة: في غزة والضفة، وُظفت الوسائط البسيطة (مثل مجموعات واتساب ومواد مطبوعة) لضمان استمرارية التعليم أثناء الإغلاقات. هذا النموذج يمكن أن يُطوّر ليصبح خطة وطنية بديلة لتجاوز الطوارئ.
4. شراكات المجتمع المدني: كما أثبتت التجارب في لبنان والأردن وسوريا مع اللاجئين الفلسطينيين، يمكن للمجتمع المدني أن يلعب دورًا في توفير الدعم النفسي، والدروس المتخصصة، والبرامج اللاصفية، لتخفيف أثر الانقطاعات.
المطلوب اليوم هو أن تتحول دعوة الائتلاف إلى شراكة وطنية و برنامج عمل عاجل يضمن :
١-اتفاقية واضحة بين الحكومة واتحاد المعلمين تضمن دفع المستحقات ضمن جدول زمني واقعي.
٢-خطة طوارئ تعليمية تعتمد على بدائل مرنة (صفوف مجتمعية، تعليم رقمي بسيط، دعم نفسي).
٣-ضغط منظم على اليونسكو والمجتمع الدولي للإفراج عن أموال المقاصة باعتبارها قضية إنسانية وحقوقية وليست مالية فقط.
إن بيان الائتلاف التربوي الفلسطيني أعاد للتعليم موقعه الطبيعي: ساحة مقاومة وهوية.
وإذا ما تم تحويل روحه إلى سياسات عملية، فإن العام الدراسي المقبل يمكن أن يكون أكثر من مجرد بداية تعليمية؛ يمكن أن يكون تجديدًا لعقد اجتماعي يحمي حق الطفل والمعلم، ويصون التعليم العام كركيزة من ركائز الصمود الوطني.
رابط قصير:
https://madar.news/?p=345225