السنة تلفظ أنفاسها .. لكن ليست غزة و لا حزب الله و لا سوريا .. بقلم : حمدي فراج
مدار نيوز \
ليس لدولة عريقة عراقة سوريا او لبنان او فلسطين او مصر ان تلفظ أنفاسها كما يلفظها شخص مهما بلغت سطوته و قوته و سعة ماله و هيلمانه ، او كما يلفظها حزب او جماعة او حركة ، كالحزب الذي كان يحكم سوريا حتى قبل عشرة أيام ، متسلحا بأجهزته الأمنية و العسكرية الشمولية ، و لا حتى كديانة أفلت شمسها بعد أن عبدها و قدسها اصحابها مئات و ربما آلاف السنين .
نسوق هذا و نحن أمام سنة تلفظ أنفاسها الأخيرة ، حملت معها أحداث جسام ، خاصة في وطننا العربي الكبير ، بدءا من الصغيرة غزة التي تم تدميرها عن بكرتها ، شهرا فشهر ، و يوما فيوم من رزنامة هذه السنة القاسية الشريرة التي أتت على البشر و الشجر و الحجر ، كما يقال ، و ستمر سنوات طويلة قادمة ، قبل ان تسقط من حساب الناس و التاريخ .
و لن يمر وقت طويل حتى تنهض هذه الغزة الصغيرة من تحت ركامها الكبير ، لتصفع النظام العربي بأنني التي قاتلت إسرائيل خريفان وشتاءان وربيعا وصيفا ممتدة على ثلاث سنوات ماضية و منصرمة وقادمة ، و سيسجل لي في دفاتر الأمم انني من هزمت هذه الدولة التي ستدمغ بأنها دولة ايادة جماعية و تطهير عرق برئيس مجرم حرب وجيش أسود على قائمة العالم السوداء ، و سيكون لي سنوارا جديدا خارجا لتوه من غياهب الموت و التعذيب .
حملت أيضا – السنة – مقتلة قيادة حزب الله اللبناني ، المقدر عددهم بنحو خمسة آلاف قائد مقاتل بين قتيل و جريح في دقيقة واحدة ، على رأسهم امين عام الحزب حسن نصر الله ، أمر لم يحدث شبيها له في التاريخ القديم و الحديث ، و حين يتمكن الحزب من مواراتهم الثرى في جنازات مهيبة تليق بهم ، سيفاخر الدنيا العربية انه الحزب الوحيد الذي لم تغب شمس مؤازرته غزة يوما واحدا من أيام هذه السنة ، و أنه أحدث لأول مرة في تاريخ إسرائيل ان يكون لها نازحين بمئات الآلاف لم يعودوا الى منازلهم حتى أفول السنة و مطلع السنة الجديدة .
حملت أيضا في آخرها سقوط سوريا بما كانت تمثل في تطلعات الأمة من أنها التي ستحارب إسرائيل ، و ستهزمها ، و ستطردها من الجولان و من فلسطين ، فهي دولة قوية عسكريا بجيش و تعداد كبيرين و مخابرات تعرف “دبة النملة” ، و حزب حديدي لا يعرف المهادنة و لا الرحمة ، كل هذا انهار في غمرة بضعة أيام بدون مقاومة ، فيتضح ان الحزب فاسد و مفرغ من أي مفاهيم إيجابية ، و الجيش آيل للسقوط ، بدون حرب مع الجولاني او غيره ، و الشعب يحتوي كل ذلك فيخرج عن بكرته “ليكسر القلة” وراء هذا النظام المريض .
سوريا ، لن تلفظ أنفاسها ، بالتزامن مع السنة ، بل ستجدد نفسها و أنفاسها مع السنة الجديدة ، سوريا ستسجل عام 2024 على انه عام التخلص من حزب أثقل كاهلها ، أثرى على حساب الفقراء و المعوزين و العمال و الفلاحين ، مارس الخداع الممنهج في ادعاء الوطنية و التقدمية و تحرير الأراضي المحتلة من براثن محتليها ، لتكتشف انها كانت ضحية براثن عصابة لا تقل وطأتها عن براثن أي احتلال أجنبي للوطن و المقدرات و الحرية و الكرامة بل و للإنسانية عموما .
رابط قصير:
https://madar.news/?p=328705



