الشريط الأخباري

حين تصير الاجتماعات حياة لا “خُرافة”! بقلم: ياسر أبوبكر

مدار نيوز، نشر بـ 2025/09/16 الساعة 3:14 مساءً

مدار نيوز \

في الطريق إلى اجتماع جديد، أحمل دفترًا صغيرًا، لا لأنني سأدوّن ما يُقال، بل لأقيس به الزمن الضائع، والمعلومة الشحيحة، والفكرة التي لا تأتي.
مللتُ، نعم… لكنني لم أفقد الأمل. فالاجتماع، حين يُدار بعقل وضمير، ليس خصمًا للوقت، بل هو استثماره الأثمن.
لا نريد أن نجتمع فقط كي “نجتمع”، فهذا عبء.
ولا نريد أن يقودنا “سائق الحافلة” ذاته الذي لا يغيّر المسار ولا يغيّر حتى الزيت!
لكن، ماذا لو قلنا: إن المشكل ليس في الاجتماع بحد ذاته، بل في كيفية إدارته؟ في ثقافته؟ في أهدافه الضائعة بين “قعدة” وقهوة وعبارة: “خلونا نحكي بصراحة”! العبارة الاثيرة التى أشار لها بكرأبوبكر في مقاله اجتماعات الحافلة والخَمَج .
الاجتماع ليس خرافة، بل منحة حين يُعقل.
هو آيةُ تدبيرٍ لا عبث، “وأمرهم شورى بينهم” [الشورى: 38]، لا فردٌ يعلو ولا فكرٌ يُقصى، ولا سائق حافلة يسير بالناس في طريق لا يعرفونه، ويعيدهم إلى محطّة البدايات ذاتها!
خمسة مفاتيح لاجتماع يثمر:
1. أولًا: جدول الأعمال ليس زينة، بل دليل الطريق
o كما لا صلاة بلا نية، لا اجتماع بلا جدولٍ واضح.
o اجعلوا لكل لقاء هدفًا، وللأفكار مداخل ومخارج، لا أن تكون كـ”الأنعام بل هم أضل” (الأعراف: 179)لا تدري لِمَ اجتمعت، ولا إلى أين تسير، من لا يعرف لماذا اجتمع، لن يعرف متى ينتهي، ولن يميّز بين الصمت والمشاركة.
2. ثانيًا: وقت محدد، لا وُعُود فضفاضة
o الاجتماع الناجح مثل الجراحة الدقيقة: يبدأ وينتهي في وقت معلوم، وإلا نزف من أعمارنا بلا علاج!
o ليس الكثرة دائمًا بركة. ” كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله” (البقرة: 249).
3. ثالثًا: دع الحديث يدور، لا يدور الحديث عليك
o القائد الجيد يسير في الخلف أحيانًا، ويدع الفريق يرى الأمام.
o الحوار الحقيقي لا يعرف المونولوج، بل يعرف التفاعل، والإنصات، والاحترام المتبادل.
o دع الفكرة تمر، لتتلاقح، لا لتُطمس، ولا تكن كفرعون قال: “ما أريكم إلا ما أرى” (غافر: 29).
4. رابعًا: مساحة للابتكار
o لا تجعل من أفكارك سجنًا لغيرك.
o اسأل: من لديه رؤية جديدة؟ فكرة مغايرة؟ حل غير تقليدي؟
o أي اجتماع لا يحرّض على الإبداع هو عبء لا ضرورة له.
o وإن أعياكم الإبداع، فاستعينوا بـ”أولي الألباب”؛ أولئك الذين إذا سمعوا القول اتبعوا أحسنه.
5. خامسًا: التوثيق، ثم التنفيذ، ثم التغذية الراجعة
o كل اجتماع بلا توثيق هو حلم شفهي.
o وكل اجتماع بلا متابعة هو خدعة عقلية.
o اسأل في نهاية اللقاء: ماذا سننفّذ؟ من؟ متى؟ كيف؟ ثم راجع ما تحقق .
o ليكن لكل اجتماع ناتج كـ”شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء” )إبراهيم: 24(، لا كـ”شجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار” )إبراهيم: 26(.
وختامًا:
إن الاجتماعات، حين تخرج من إطار “الحضور للظهور”، وتدخل إلى ميدان “الحضور للفعل”، تصبح ضربًا من ضروب النضال المدني، والتخطيط النبيل، ومقاومة التكلّس الفكري.
فمن أراد “قيادة الحافلة”، فليكن دليله العقل، وحدوده الوقت، وغايته العمل.
وإن لم يكن… فليترجّل.
فـ”أما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض” )الرعد: 17(.

رابط قصير:
https://madar.news/?p=345735

هذا المقال يعبر عن رأي صاحبه فقط.

تعليقات

آخر الأخبار