صوت الديك في مخيم النصيرات .. بقلم : حمدي فراج
مدار نيوز \
صدّق الناس ، سواد الناس ، في المنطقة العربية ، و لربما في الربوع العالمية ، أن رئيس أمريكا دونالد ترامب (80 سنة) رجل سلام عالمي ، رشحه لجائزة نوبل مجرم الحرب الدولي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، تبعه نائب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينة نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ ، و بالتأكيد تبع العدوين الرئيسيين ، إسرائيل و المنظمة ، في الترشيح للجائزة ، أصوات وازنة عديدة ، فصدّق الرجل بالتالي أنه حقا “رجل سلام” دون أن يدري ، و حين حل موعد الجائزة لم ينطل على لجنتها أي شيء من هذه الأقاويل ، و منحت لإمرأة شبه مجهولة لم يسمع بها الناس من قبل مقياسا بسمعة دونالد ترامب .
في رئاسته الأولى ، منح قدس العرب و المسلمين عاصمة موحدة و أبدية لإسرائيل دون ان يرف له جفن ، و هضبة الجولان السورية المحتلة منذ ستة عقود ، و كانت رجحة القبان ان جعل أربعة دول عربية تطبع علاقاتها مع إسرائيل بما أسمي اتفاقيات أبراهام .
في رئاسته الثانية ، و لما يمض عليها بضعة أشهر ، قرر ان يفرغ غزة من سكانها و أن يشتريها ليقيم عليها الريفيرا ، مما فتح شهية إسرائيل المتربصة ، و اصبح شعارهم العلني تهجير مليوني انسان بالقتل حينا ، و تدمير منازلهم حينا ملازما ، و تجويعهم حتى الموت حينا ثالثا .
شارك عمليا و رسميا في قتلهم و قصفهم و تدمير بيوتهم على رؤوسهم و تجويعهم سبعة أشهر ، و عندما تعرض للضغط الجماهيري بالمظاهرات الصاخبة في الشارعين الأمريكي و الأوروبي ، قرر تأسيس شركة إطعام مسلحة قتلت من حشود الجائعين نحو ألف جائع .
في “الجمعة المشمشية” التي راج فيها أنه رجل سلام ، تعرضت العاصمة القطرية للقصف الإسرائيلي – مسكين كل من يظن انه لم يكن يعرف – ، كان حدثا كبيرا و عظيما و غريبا و مستهجنا ، لا يمكن لعقل أي كان من أي مكان تصديقه او استيعابه ، فهذه العاصمة العربية المتحضرة ترعى السلام ، و تستضيف أطرافه المحتربين ، و من ضمنهم وفود نتنياهو و ترامب و قبله بايدن ، أما نتنياهو ، و رغم فشل العملية في اغتيال خليل الحية و فريقه التفاوضي ، فقال انه سيلاحقهم المرة تلو المرة حتى يقتلهم في كل عاصمة يذهبون اليها ، في حين لم يكن أمام ترامب سوى التنصل ثم التنكر ثم الاستنكار ثم الاعتذار ثم التعهد بعدم التكرار ، لكن هذا لم يكن كافيا امام أصحاب الدار ، قطريا و خليجيا و عربيا واسلاميا ، فتطبق دائرة “السلام و رجله” بأن يعلن عن خطته لوقف الحرب على غزة ، و ما هي بحرب ، او وقف اطلاق النار ، و ما هو باطلاق نار ، بل بحرب إبادة موصوفة .
في آخر مقال له ، سمع الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي ، صوت ديك خلال مقابلة كانت تجريها إذاعة فرنسا مع صحفي من داخل مخيم النصيرات : كان صوت الديك أكثر مدعاة للاحتفال من كل خطب أعضاء الكنيست بتمجيد أنفسهم وسيِّدهم الإقطاعي الكاذبة الغرورية والتملقية ، وحب الذات ، والإنكار الجماعي .
رابط قصير:
https://madar.news/?p=347791



