الشريط الأخباري

تغيير التعاطي العربي المتماهي مع “الخروقات” ، او الاستسلام.. بقلم : حمدي فراج

مدار نيوز، نشر بـ 2025/11/25 الساعة 5:53 مساءً

مدار نيوز \

يمكن تلخيص المشهد الصراعي مع إسرائيل ما بعد الحرب الابادية التي جاءت في اعقاب الطوفان بعنوانين رئيسيين بارزين و واضحين ، الأول هو إعلانات وقف اطلاق النار رسميا في المحافل و المكاتب ، واستمرارها فعليا في الجبهات و الميادين ، و هنا نلاحظ أن طرفا بعينه و هو إسرائيل ، من يقوم بالاختراقات ، متعددة الاشكال و متنوعة الأسباب او الذرائع ، و أحيانا بدون أسباب و بدون ذرائع ، او بذرائع ركيكة لا تنطلي على أحد ، في حين يلتزم الطرف الثاني التزاما حديديا كاملا بعدم الخرق ، في لبنان سجلوا نحو عشرة آلاف خرقا خلال سنة تقريبا من وقف اطلاق النار دون خرق واحد من حزب الله ، الأمر نفسه ينسحب على حماس و المقاومة عموما في غزة ، حيث سجلوا نحو خمسمائة خرقا في شهر و نصف . هنا و هناك قتلوا المئات ، دون ان يقتل إسرائيلي واحد .

أما العنوان الثاني ، فهو تماهي محور المقاومة ، و بالتالي التماهي العربي الرسمي و الشعبي مع هذه الاختراقات التي لا يبدو انها ستتوقف ، فقط المطالبات بوقفها واجبار إسرائيل على الالتزام بالاتفاقات الموقعة ، دون أن يكون هناك أية إشارة للرد بالمثل او الخرق بالخرق ، بل بالعكس نسمع أحيانا ما يطمئن إسرائيل بأننا لن نرد ، لن يتم استفزازنا ، لن ننجر الى ما يريده العدو ، مثل هذه الردود المطمئنة ، تجعل إسرائيل تتمادى في الاختراقات .

نتفهم بشكل عام ان المقاومة في غزة و لبنان غير قادرة على الرد العسكري و الصاروخي الذي كان لهما قبل الحرب ، هذا لا يبرر ابدا زيادة بيانات الشجب و التنديد و الاستنكار ، و لا حتى مطالبة الوسطاء بالضغط على إسرائيل لوقف اختراقاتها ، فإسرائيل ترى و تسمع و ترصد و تقصف و تخرق ، انها فرصتها التاريخية و الجغرافية و العسكرية و الدينية والاقتصادية و النفسية و السياسية و الحزبية لتحقيق معظم أهدافها ما ظهر منها و ما بطن .

انها لم تتشافى بعد من طوفان الأقصى ، الذي قالت عنه انه أخطر و أصعب ما واجهها منذ الهولوكوست ، رغم ان الهولوكوست لم يواجهها و لم تواجهه لأنها لم تكن دولة و لم تكن موجودة بعد ، ربما هو الذي أوجدها و أنشأها و نفخ في اوصالها الروح . مخطيء بالتالي من يظن ان إسرائيل “تخرق” الاتفاقيات ، هي أصلا سعت الى ابرامها بعد ان أنهكتها المواجهات ، و سمعنا أصوات جنودها و قادتهم يصرخون على الملأ ، ما لنا قدرة على المجابهة ، و لهذا سعت لابرام اتفاقيات وقف اطلاق النار من أجل ان تقوم بعدها بخرقها ، و بالتالي يخطيء من يظن ان هدفها هو نزع سلاح هذه المقاومة ، بل نزع المقاتلين و حاضنتهم الشعبية بل و نزع الشعب الفلسطيني من غزة ، و الشيعة من جنوب الليطاني و حشر الشعب الفلسطيني في الضفة داخل جيوب و كانتونات يتكفل بهم جيرانهم من المستوطنين المسلحين بالبنادق و الحقد الدفين .

رابط قصير:
https://madar.news/?p=349872

هذا المقال يعبر عن رأي صاحبه فقط.

تعليقات

آخر الأخبار