هل الفلسطينيون شعباً مؤهلاً لحكم نفسه بنفسه؟ بقلم: ماجد العاروري
الديمقراطية هي أساس الحكم والانتخابات هي أساس الديمقراطية وتداول السلطة هو أساس الإنتخابات وقبول الآخر هو أساس تداول السلطة وحرية التعبير هي أساس قبول الاخر
فالكل مبني على الجزء ومجموع الأجزاء يكون الكل.
في الدعوات التي التي تطلق للمطالبة بإجراء انتخابات عامة تخرج بعض الاصوات معارضة للفكرة .. لا لرفضاً لها بل خشية من عدم قبول الآخر بها
يتساءلون:
ما هي ضمانة أن لا يتكرر مشهد انتخابات عام 2006؟
انتخابات عام 2006 قبل الرئيس نتيجتها ونجم عن حكومة شكلتها حماس
لكن حكومة حماس لم يتم تمكينها من العمل بل تمت اعاقتها.
تعرضت لضغوطات دولية
وتعرضت لمعيقات داخلية كشل عمل المجلس التشريعي واضراب الموظفيين العموميين
الانتخابات واجهت مأزق التوازن بين القوتين السياسيتين الرئيسيتين لدى الشعب الفلسطيني
الرئيس في حينها هدد أكثر من مرة لحل الأزمة باللجوء الى الشعب بانتخابات مبكرة لكنه لم يفعل
حماس التي لم يمكنها الآخرون من الحكم .. لم تلجأ الى الشعب ليضمن لها حقها بالحكم من خلال الدعوة الى انتخابات جديدة بل سعت لحسم الموقف في قطاع غزة بالقوة المسلحة ونجحت بذلك.
النتيجة كان انقسام سياسي اصبح عمره اليوم 11 عشر عاماً
ما الذي يعنيه الإبقاء على الإنقسام وفرض ومن ثم فرض عقوبات على غزة بعد 11 عاما من الإنقسام دون العودة للشعب مصدر السلطات؟
يعني شيئاً واحداً لا شيء غيره
يعني أننا شعباً قاصراً غير قادر على حكمة نفسه بنفسه
فهل فعلاً نحن شعب قاصر غير قادر على حكم نفسه بنفسه؟
بعد قرن من الإحتلال والإنتداب ..
هل نحن بحاجة الى انتداب جديد يعلمنا كيف نحكم انفسنا بانفسنا؟
لا اعتقد اننا شعباً قاصراً.. ولسنا بحاجة الى وصي علي علينا
لكننا بحاجة الى ان فك القيد المغلول على رقابنا
المتربعين على منصة الحكم في الضفة وفي قطاع غزة لا يرون شعبنا مؤهلاً لإنتخابات جديدة
لكن سبحان الله .. منذ الانقسام ولغاية اليوم اجرت حماس مؤتمرين مركبيين معقديين سريين في الداخل والخارج وانتخبت قيادة جديدة لها.
ونظمت حركة فتح مؤتمرين عاميين لها وانتخبت قيادتها
الأمر ذاته فعلته الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب وفدا
أليست هذه الفصائل والاحزاب جزء من الشعب الفلسطيني؟
كيف تنجح في تنظيم انتخابتها حتى لو كانت شكلية؟
وكيف تفشل في في اجراء انتخابات عامة فلسطينية؟
المشكلة اذن هي في التوجهات وليست في القدرات
لكن هل تعي مخاطر توجهاتها؟
هل تعي مخاطر ان تجعل منا شعباً قاصراً غير قادر على اجراء انتخابات؟
اعتقد ان المشكلة الحقيقية ليست بهذه الفصائل والأحزاب
انها في الحقيقة فصائل وأحزاب مهمشة
لا تحكم ولا ترسم
هناك طبقة جديدة نشأت بعد الإنقسام وهي التي تحكم
انها طبقة أثرياء الانقسام
الطبقة التي نشات واستفادت مادياً ومعنوياً من الإنقسام
في الضفة الغربية وفي قطاع غزة
انها طبقة السياسة والمال والأمن
طبقة قائمة على ثلاثة اضلاع متساوية
الفصائل والأحزاب ليست سوى واجهات لها
هل تلحظون شيئاً غريباً؟
هل تلحظون كم هو الإنقسام بين الضفة وغزة عميق ومتسع؟
ولكن رغم عمقه واتساعه لم يشمل قطاعات هامة كالاتصالات والبنوك وغير ذلك من القطاعات.
حتى تجارة الخردة لم تتأثر بفعل الإنقسام
الا يعد ذلك غريباً؟
اننا نشهد تزاجاً سياسياً وماليا وامنياً لا يوجد مثلها حالة تزاوج
بالتالي الإنقسام هو انتقائي
والانتخابات انتقائية
انها سياسة طبقة الحكم الجديدة في شقي الوطن المنقسم
ما هي النتيجة اذن؟
مصالح اطراف الإنقسام باقية
ومصالح اطراف الإنقسام تلتقي ومصلحة الولايات المتحدة الأمريكية بإنهاء ما يعرف باسم الشعب الفلسطيني
هذا الشعب الذي احتاج كي تتبلور هويته عشر سنوات من النضال الوطني منذ انطلاق الثورة الفلسطينة عام 1964 وحتى يوم الإعتراف بمنظمة التحرير ممثلاً وحيداً عنه.
على مدار احد عشر عاما من الإنقسام
والعقوبات مؤخراً
هوية الشعب الفلسطيني في تلاشي
الإنقسام يتجسد ويتحول الى انفصال
قريباً لن ينطبق تعريف كلمة شعب على الفلسطينين
غزة سيصبح لها همومها وتحدياتها الخاصة
وسيخرج من يطالب لها بحق تقرير المصير
أي ادارة حكم ومطار وميناء وحدود وتوسيع.
والضفة الغربية سيصبح لها همها المختلف
الاراضي التي صودرت سيتم ضمها الى الحكومة الاسرائيلية
وستعالج وظيفياً مشكلة السكان.
اي ستكون قيادتنا بعد هذا الفصل القاسي من العقوبات على قطاع غزة
وتمسك حماس بالحكم في غزة قد نجحنا في معالجة ابرز تحديين وطنيين
الاحتلال لم يعد احتلال بل اصبح ضماً وسيادة اسرائيلية
والانقسام لم يعد انقساماً بل أصبح هو الكيان الفلسطيني
لا تقلقوا ففصائل العمل الوطنى لن تقبل
ستخرج وتصرح وستعلن صفقة القرن
وستتحدث عن المؤامرة الدولية لتصفية الهوية والقضية الوطنية
لكنها لن تقول: نفذت صفقة القرن بأيدي فلسطينية.
ما زالت الفرصة سانحة لإفشالها
ثلاث خطوات تكفي لإفشالها
الغاء العقوبات أولاً
وانهاء الإنقسام ثانياً
وانتخابات عامة تشريعية ورئاسية في الضفة الغربية وفي قطاع غزة ثالثاً
خطوات ثلاثة كفيلة ان تفشل أكبر صفقة للقرن
وبعدها ينتقل الشعب الفلسطيني من الجهاد الاصغر الى الجهاد الاعظم
فظلام كل سنوات الإنقسام تحتاج سنوات عمل وطني لازالته ولن تتم باشتراطات مسبقة للتمكين.
على ضوء ما سبق .. لا اعتقد أن هناك ضامن غير الشعب للوحدة والتغيير..
عليه ان يجيب ان كان قادراً على حكم نفسه بنفسه اما هو قاصر ينتظر مندوباً دوليا لحكمه..
ليست مهمة جنسيته فقد يكون بالجنسية فلسطيني.
رابط قصير:
https://madar.news/?p=93232